الجمعة، 29 مايو 2015

الهجوم على وزير النفط .. كلمة ورد غطاها .. !







س : على أي أساس يا د. علي العمير تقوم وتفاجأ مجلس إدارة المؤسسة ، بترشيح قائمة بمجموعة من القياديين في الشركات ؟! وكيف تفعل ذلك والمجلس الحالي لم يستكمل مدته أصلاً ؟

ج : يتضمن جواب هذا السؤال على نقطتين :

أولاً : أما بالنسبة للتغيير قبل استكمال المدة فأي جريمة في ذلك ؟ فمجلس الإدارة الحالي هو أصلاً جاء قبل استكمال مدة المجلس الذي سبقه ، والوزراء قبل د.علي العمير قد غيَّروا مجالس إدراة مؤسسات ، فلماذا النحيب الآن ؟!

ثانياً : لا بد أن نعلم أنه قد ورد في قانون انشاء المؤسسة رقم 6 لسنة 1980 مادة 13 «يتولى ادارة المؤسسة مجلس ادارة يشكل برئاسة وزير النفط. ويصدر مرسوم بناء على عرض وزير النفط ببيان كيفية تشكيل واختيار أعضاء المجلس وتعيين نائب للرئيس من بينهم وعددهم ومدة عضويتهم».
وجاء بالمرسوم رقم 78 لسنة 2007 المادة الثالثة: «ويباشر وزير النفط جميع الاختصاصات المخولة بمقتضى القوانين والمراسيم، ويتولى وزير النفط الاشراف على مؤسسة البترول الكويتية ويرأس مجلس ادارتها».

و جاء في المادة - 130 من الدستور ما نصه «يتولى كل وزير الأشراف على شؤون وزارته ويقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، كما يرسم اتجاهات الوزارة ويشرف على تنفيذها».







س :  ولكنك يا د.علي رشحت مجموعة من القياديين في الشركات، يبلغ عددهم نحو 43 شخصاً، وحتى انك تأخرت ولم تزود مجلس الإدارة بمؤهلاتهم ، وأغلبهم من المحسوبين عليك يا د.علي أو من مفاتيحك الانتخابية ؟!

ج : الوزير من حقه ترشيح شخصيات ولكن قصة ترشيح ٤٣ من جماعة د.علي العمير لمجالس الإدارات وتأخير تجديدها -رغم أنها قصة تفوح منها رائحة الكذب - ومع ذلك نتحدى من يطلق هذه الأكاذيب أن يقوم بإثباتها ، بل وأبعد من ذلك نحن في الحقيقة نتمنى أن يُبرز هؤلاء دليلاً واحدا على أن د. العمير قد عيَّن أو رفع درجة أو قام بترقية أحد المقربين أو المفاتيح -كما زعموا- أو عيَّن بمكتبه في كافة الجهات التابعة له .
وهذا التحدي نضعه أمام الشعب الكويتي كي يتبين الخبيث من الطيب ونُمهل من يقبل هذا التحدي أياماً بل شهوراً وأعواماً .




س : حسناً .. وماذا ستقول يا د.علي بخصوص الحيازات الزراعية والتي امتنعت حتى عن تزويد اللجنة بكشف لأسماء النواب فيها؟
ج : لجنة التحقيق أعمالها سرية وتقريرها لم يصدر حتى الآن لذا من المستحسن تأجيل تفاصيل الرد على هذه الجزئية ، ولكن للعلم والفائدة فقط : هيئة الزراعة لا تتعامل مع الاعضاء بناء على عضويتهم ؛ و لذلك ليس لديها كشوف خاصة بهم من الأساس !

مشاهدة "النائب عبدالله معيوف ينفي اتهام العمير بإخفاء معلومات عن الحيازات الزراعية" 
 https://youtu.be/CdSA_pBzBTg


السبت، 23 مايو 2015



الجمل الندية من ألقاب المسائل الفقهية (6)
بقلم : محمد أحمد العباد



باسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد : فهذه المقالة السادسة ضمن سلسلة مقالات تدور حول بعض المسائل المنصوصة في كتب الفقهاء بألقابٍ وتسمياتٍ مخصوصة ، إما تمييزاً لها عن غيرها من المسائل ، أو لخروجها عن القواعد المطَّردة والأصول المقررة لدى بعض الأئمة ، أو نسبةً للمفتي في تلك المسألة أو للمستفتي أو لعبارةٍ وردت ضمن الفتوى ، أو لغير ذلك من الأسباب ، وقد أعرضتُ عن المسائل المتعلقة بأحكام المواريث حيث أفردها بعض أهل العلم فاكتفيت بالمسائل الفقهية في الأبواب الأخرى واجتهدتُ في إيضاحها وإيجازها بغير إطالةٍ تؤدي إلى الملالة ، ورتبتها على حروف المعجم ، فإلى المادة :




1 – مسألة (الرد في الدرهم) :

وهي مسألة ينص على تسميتها بهذا الاسم فقهاء المالكية ، وصورتها أن يعطى الإنسان درهماً ويأخذ أمرين مقابل هذا الدرهم :
أ – يأخذ بنصفه أو طعاما أو غير ذلك .
ب – ويأخذ بالباقي فضة .
قال الحطاب في "مواهب الجليل" (4/ 318) : (( هذه المسألة تعرف بمسألة الرد في الدرهم )) . اهـ وقد اختُلِف فيها بين قول بالمنع وبين الجواز بشروط كأن يكون ذلك في الدرهم الواحد فأقل ، وأن يكون ذلك يداً بيد خوفاً من التأخير بين الفضتين ، وأن يكون المردود النصف فأقل ، وغير ذلك من الشروط ، والله أعلم .




.
.
.

2 - مسألة (الزُّبـيـة) :

وهي مسألةٌ تُذكر في أبواب الحدود والجنايات ، والزُّبية – كما قال ابن الأثير في " النهاية (2/ 295) – هي عبارة عن حفيرة تحفر للأسد والصيد ويغطى رأسها بما يسترها ليقع فيها الصيد ، وصورة مسألة "الزبية" أن يتدافع ويتزاحم جماعةٌ عند حفرةٍ أو موضعٍ يؤدي الولوج أو السقوط فيه إلى الهلاك ، فتسقط منهم مجموعة بسبب محاولة كلُّ واحدٍ منهم الخروج من خلال جذب غيره والتعلق به  ، قال أبو إسحاق ابن مفلح في "المبدع شرح المقنع" (7/ 278) : (( فتسمى هذه المسألة : مسألة "الزُّبْيَة" )) . اهـ وسبب تسمية المسألة بذلك هو ما روي في "مسند أحمد" (2/ 15) عن علي t قال : (( بعثني رسول الله r إلى اليمن، فانتهينا إلى قوم قد بنوا زُبيةً للأسد ، فبينا هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل ، فتعلَّق بآخر ، ثم تعلق رجلٌ بآخر ، حتى صاروا فيها أربعة ، فجرحهم الأسد ، فانتدب له رجلٌ بحربةٍ فقتله ، وماتوا من جراحتهم كلهم .
فقام أولياء الأول إلى أولياء الآخر ، فأخرجوا السلاح ليقتتلوا ، فأتاهم علي t على تفيئة ذلك ، فقال : (تريدون أن تَقاتَلوا ورسول الله r حي ؟! إني أقضي بينكم قضاء إن رضيتم فهو القضاء ، وإلا حُجِزَ بعضكم عن بعضٍ حتى تأتوا النبي r فيكون هو الذي يقضي بينكم، فمَن عَدَا بعد ذلك فلا حق له .
اجمعوا مِن قبائل الذين حضروا البئر : ربع الدية ، وثلث الدية ، ونصف الدية ، والدية كاملة ، فللأول الربع ؛ لأنه هلك من فوقه ، وللثاني ثلث الدية ، وللثالث نصف الدية ) فأبوا أن يرضوا .
فأتوا النبي r وهو عند مقام إبراهيم ، فقصوا عليه القصة، فقال : (( أنا أقضي بينكم )) واحتبى ، فقال رجل من القوم : (إنَّ عليّاً t قضى فينا) ، فقصّوا عليه القصة ، فأجازه رسول الله r )) ، وقال الشيخ الألباني في"سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2/ 478) : (( سنده حسن )) والأخذ بهذا الحديث هو من مفردات الحنابلة في رواية ، وقد أطال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (2/ 23) في ترجيحه ، والله أعلم .[1]





.
.
.



3 - مسألة ( زِه ) :

وهي تلقب بهذا اللقب عند الحنفية ، وصورتها : فيمن سها عن التشهد الأخير وقام لركعة أخرى زائدة (كمن يقوم سهواً لركعة ثالثة في صلاة الفجر أو لخامسة في صلاة الظهر ) فالواجب عليه حينئذ أن يعود للتشهد الأخير ، ولكن وقع عند الحنفية خلافٌ فيما لو استمر ساهياً حتى سجد سجدتين في تلك الركعة الزائدة فهل تبطل الصلاة بوضع الرأس على الأرض للسجدة الثانية كما هو قول أبي يوسف القاضي ؟ أم أنها تبطل برفع الرأس من السجدة الثانية كما هو قول محمد بن الحسن الشيباني ؟
وأثر الخلاف يظهر فيمن سبقه الحدث وهو ساجد ؛ فعند أبي يوسف تكون صلاته بطلت بمجرد وضع الرأس ولا أثر للحدث ، بينما عند محمد يكون قد أتمَّ الصلاة وأخرجه الحدث من صلاته .[2]
وأما سبب تسميتها بـ ( زِه ) فهو أن أبا يوسف القاضي لما بلغه قول محمد بن الحسن قال : (( زِه ! صلاةٌ فسدَت يُصلِحها الحدث ؟! ))[3] . اهـ 
و "زِه" هي كلمة استعجاب عند أهل العراق وكذا عند العجم[4] ، وإنما قالها أبو يوسف هنا من باب التهكم .[5]




.
.
.



4 - مسألة (السريجية) :

المسألة السريجية نسبةً إلى أبي العباس ابن سريج الشافعي[6] ، وهي مسألة حدثت في الإسلام بعد المائة الثالثة ، والهدف منها هو منع الرجل من القدرة على الطلاق ، بل تسد عليه باب الطلاق بكل وجه ، فلا يبقى له سبيل إلى التخلص منها ، وصورة هذه الحيلة أن يقول : كلما طلقتك - أو كلما وقع عليك طلاقي - فأنت طالقٌ قبله ثلاثاً ، فقال ابن سريج ومن وافقه : (( إن الرجل لو قال في وقتٍ لاحقٍ لامرأته : (أنتِ طالق) لم تطلق ؛ لأنه قد سبق وأن ربط أيَّ طلاقٍ يطلقها به بـ ثلاث طلقاتٍ قبله )) ، بمعنى أنه لو أوقعنا الطلاق الجديد فيلزم من ذلك وقوع ثلاث طلقاتٍ قبله ، وبما أن هذه الثلاث لا يمكن ولا يُتصَوَّر وقوعها ، فبالتالي حتى الطلاق المنجَّز الذي ربطه وعلَّقه عليها لن يقع .
وقد ردَّ أكثر الفقهاء على ذلك قائلين : إن التعليق هنا باطلٌ أصلاً ، بل هو كالعدم لا وجود له ولا أثر ؛ لأن مضمونه وقوع طلقةٍ مسبوقةٍ بثلاث طلقات ! وهذا باطل في دين المسلمين ، ومضمونه أيضاً أنه (إذا وقع عليكِ طلاقي ، لم يقع عليكِ طلاقي!!) وهذا جمع بين النقيضين ، وقد تناول هذه المسألة وأطال فيها النَّفَس العلاّمة ابنُ القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (3/ 197 وما بعدها) ، فليُراجع .










الحواشي :

[1] المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد (2/ 709)
[2] انظر : النهر الفائق لسراج الدين ابن نجيم (1/ 329)
[3] انظر : البناية شرح الهداية للحافظ العيني (2/ 620)
[4] انظر : الكليات للكفوي (ص 491) ، تاج العروس (36/ 391) .
[5] انظر : فتح القدير للكمال ابن الهمام (1/ 511) ، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (1/ 150) .
[6] انظر : منحة الخالق لابن عابدين (3/ 293) ، التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (4/ 413) ، مواهب الجليل للحطاب (4/ 64) ، شرح مشكل الوسيط لابن الصلاح (3/ 625) ، روضة الطالبين للنووي (8/ 165) ، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (33/ 240) ، كشاف القناع للبهوتي (5/ 298) ، الموسوعة الفقهية الكويتية (36/ 247) .

الأحد، 17 مايو 2015


رحمك الله يا (كيوشي) .. !
بقلم : محمد أحمد العباد






قبل أيام في الساعة 12 قبل الظهر زرنا مقبرة "براغ"في التشيك لأداء صلاة الجنازة على طبيب ياباني كان يعمل في المستشفى العسكري في التشيك ، اسمه (كيوشي) والذي كان طبيباً متخصصاً في جراحة القلب .

وبدأت قصة إسلامه مع تعرفه على طالب سعودي فاضل اسمه (أحمد الشمري) يدرس في مرحلة الماجستير للهندسة، فكان الأخ العزيز أحمد الشمري يحرص بين وقت وآخر على عرض بعض محاسن الإسلام على كيوشي ، وكان أهم ما أثَّر فيه هو مطالعته لما يتعلق بـ(الطب النبوي) ولكنه حتى تلك اللحظة لم يكن قد أسلم بعد .

عاد كيوشي إلى اليابان وأعاد التفكير والنظر هناك بموضوع الدين الإسلامي فلما عاد ثانيةً إلى "التشيك" اتصل كيوشي على أحمد طالباً منه اللقاء العاجل ، فكان أول ما طرحه كيوشي في اللقاء هو قوله متسائلاً : (( أريد أن أدخل في الإسلام فكيف ذلك ؟ )) وفي آخر ذلك اللقاء أسلم ونطق الشهادتين .


ثم سمَّى نفسه (أحمد) ودعا زوجته للإسلام ، وأدَّى مناسك العمرة ، وصام رمضان الماضي كاملاً .


وما كان بين إسلامه ووفاته إلا (11) شهراً  تقريباً قام خلالها بالدفاع عن الإسلام في اليابان قدر استطاعته من خلال كتابة عدد من المقالات والدعوة الفردية ، واستطاع أيضاً أن ينسق لقاءاتٍ جمعت بين وزارة الثقافة والسفارة السعودية من جهة وبين السفارة اليابانية من جهة أخرى .

أصيب رحمه الله بجلطة في الدماغ توفي على إثرِها قبل أيام (في منتصف مايو 2015) وأُحضِر للمقبرة وتم تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ، ولكن لأنه لم يكتب وصية ولا طلب قبل موته بشكل موثق رسمياً أن يُدفن في مقبرة المسلمين (الصغيرة المساحة) ؛ فلذلك تم - بناءً على رغبة والديه - حرق جثمانه وتسليم رفاته لهم في قارورة زجاجية .

 
فأسأل الله لأخينا الفقيد (أحمد) من اليابان الرحمة والمغفرة وأن يجمعنا به في فسيح جناته .





مدخل رئيسي للمقابر






مكان تغسيل الموتى


صندوق الجثمان حيث وقفنا لصلاة الجنازة

 


ويمكن نستخلص من هذا الموقف عِبراً كثيرة من أبرزها ما يلي :
1- علو همة أحمد -المسلم الجديد- مقابل تقاصر هِمم الكثيرين .
2- الطالب المبتعث سفير لدينه ووطنه .
3- أهمية الدعوة الحكيمة المقترنة بالعلم .
4- حاجة المسلمين الذين يعيشون في "التشيك" وخصوصاً في عاصمتها "براغ" للعون والدعم المادي والمعنوي والتعليمي .
5- الموت يأتي بغتة ولا يدري المرء بما تُختَم حياته وهذا يؤكد أهمية كتابة الوصية .


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


الأربعاء، 13 مايو 2015

الجمل الندية من ألقاب المسائل الفقهية (5)


الجمل الندية من ألقاب المسائل الفقهية (5)
بقلم : محمد أحمد العباد



باسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد : فهذه المقالة الخامسة ضمن سلسلة مقالات تدور حول بعض المسائل المنصوصة في كتب الفقهاء بألقابٍ وتسمياتٍ مخصوصة ، إما تمييزاً لها عن غيرها من المسائل ، أو لخروجها عن القواعد المطَّردة والأصول المقررة لدى بعض الأئمة ، أو نسبةً للمفتي في تلك المسألة أو للمستفتي أو لعبارةٍ وردت ضمن الفتوى ، أو لغير ذلك من الأسباب ، وقد أعرضتُ عن المسائل المتعلقة بأحكام المواريث حيث أفردها بعض أهل العلم فاكتفيت بالمسائل الفقهية في الأبواب الأخرى واجتهدتُ في إيضاحها وإيجازها بغير إطالةٍ تؤدي إلى الملالة ، ورتبتها على حروف المعجم ، فإلى المادة :




1 – مسألة (الدجاجة واللؤلؤة)  :
هذه المسألة من الفروع الفقهية لقاعدة " الضرر يزال "[1]  ، ومسألة الدجاجة واللؤلؤة صورتها أن يغصب الغاصب دجاجةً ولؤلؤة، فتبتلع الدجاجة اللؤلؤة ، فيقال له : إن لم تذبح الدجاجة، غرّمناك اللؤلؤة ، وإن ذبحت الدجاجة غرَّمناك الدجاجة واستخرجنا اللؤلؤة ليأخذها مالكها .[2]



.
.
.


2 – مسألة (الدهشة) :
لو أن رجلاً سَرَق ، أو أنَّ رجلاً قطع اليدَ اليمنى لشخصٍ آخر ؛ فإن الواجب الشرعي هنا هو قطع يده اليمنى من باب القِصاص أو من باب تطبيق الحد ، ولكن صورة مسألة الدهشة تتمثل فيما لو أن الشخص الذي يطبق عقوبة القطع قطع اليد اليسرى بدل اليمنى لسبب من الأسباب كأن يقول السارق مثلاً (ظننت أن اليسرى هي اليمني فأخرجتها) أو يقول : (دهشت فأخرجتها) ، أو يقول القاطع : (ظننت أن اليسرى تجزئ عن اليمنى فقطعتها) أو نحو ذلك من الأسباب قال في "مغني المحتاج" (5/ 285) : (( فهذه المسألة تسمى مسألة الدهشة )) . اهـ وقد اختلف الفقهاء[3] فيما يترتب على ذلك الخطأ هل يضمنه الإمام بحيث يعوَّض من قُطِعت يده وتُقطع يده اليمنى ؟ أم قد أجزأه قطع اليسرى فقط ؟ ومعنى (دهش) كما هو معلوم لغةً أي : تحيَّر و ذهب عقله من الذهل ومن الفزع ونحوه .[4]






.
.
.
 3 – مسألة (الدولابية) :
وهذه التسمية تَرِدُ في مذهب المالكية لمسألة تتمثل فيما لو : شكَّ زوجٌ هل طلَّق زوجته ؟ طلقةً واحدة ؟ أو اثنتين ؟ أو ثلاثاً ؟ فماذا يترتب على ذلك ؟
ينص بعض فقهاء المذهب المالكي على :
1 – أنها لا تحلُّ له إلا بعد أن تتزوج زوجاً غيره ؛ وذلك لوجود الشك والاحتمال في كونه قد طلقها ثلاثا .
.
2 - ولكن بعد أن فارقها الزوج الجديد عاد الأول وتزوجها ثم طلَّقها مرةً أخرى !.
فهنا يربط بعض المالكية بين عدد الطلقات في كلٍّ من زواجيه الحالي مع الطلقات التي شك في عددها من زواجه الأول ، فيقولون : (لو طلقها بعد زواجه الثاني مرةً أو اثنتين ، فإنها لا تحل إلا بعد زوج) ، وذلك لوجود احتمال أن يكون عدد الطلقات التي شك فيها من زواجه الأول طلقتين فقط فتكون هذه هي الثالثة .
.
3 - ثم أيضاً تزوجها رجلٌ آخر وطلَّقها ، فعاد إليها زوجها الأول للمرة الثالثة ثم طلَّقها مرةً أخرى !
فهنا كذلك يُربط عند بعض المالكية بين عدد الطلقات في كلٍّ من زواجيه الحالي مع الطلقات التي شك في عددها من زواجه الأول ، فيقولون  أيضاً : (لو طلقها بعد زواجه الثالث ، فإنها لا تحل إلا بعد زوج) وذلك لوجود احتمال أن يكون عدد الطلقات التي شك فيها من زواجه الأول طلقة واحدة فقط بحيث تكون طلقة زواجه الثاني هي الثانية ، وطلقته بعد زواجه الثالث هي الثالثة .

وجاء في "المعيار المعرب" للونشريسي" (4/ 282 – 283 باختصار وتصرف يسير ) : 
هذه المسألة هي الملقبة في المذهب المالكي بـ"الدُّولابيّة" ، لبقاء الشك و دَوَرانِهِ فيها على قول ابن القاسم .



وفيها كتب شيخ دولة الموحدين بتونس في زمانه الشيخ الحاجب أبو محمد عبد الله ابن تافراجين لما نزلت به نفس هذه المسألة إلى شيخ فقهاء المالكية في تونس الشيخ أبي عبد الله ابن عرفة رحمه الله ، وخاطَبه بأبياتْ فيها محاسن وآياتْ ، فقالْ وأجاد في المقالْ :

يا دوحةَ الأدبِ المُصَوَّرِ في العُلا .. منك استَطَبنا الطَّعمَ والمشموما
أَوْرَتْ زنادك في العلومِ فأصبَحَت .. تُهدِي إليكَ نفائساً وعُلوما
ماذا ترى لمُتَيَّمٍ لَعِبَت بهِ .. أيدي الزمانِ فصَبَّحتهُ هَشِيما
ذِي زوجتينِ كريمتينِ مِن العُلا .. أصلاً وفرعاً زادَتا تكريما
بيضاوتانِ عليهما نَسَجَ الحَيا .. حُلَلاً فأصبَحَتَا بذاك نظيما
أبدى اليمينَ بزوجتيهِ ولم يكن .. يدري مراداً قالَ أو تَحرِيما
ولقد يجولُ بِفكرِهِ في رأسهِ .. ويُمَحِّصُ الأوهام والتقسِيما
فيعود وهو مُشَكَّكٌ في أمرِهِ .. قد كان يمنعُ جفنَهُ التنوِيما
أفصِح فديتُكَ ما سألتُ مُحَقِّقاً .. تجلو عُلاه وتمنع التَّعلِيما

فأجابه الإمام شيخ الإسلام أبو عبد الله ابن عرفة رحمه الله قائلاً :

يا من غَدَا مثلاً لحُسنِ فعالِهِ .. ومقالِهِ المعقولِ والمنقولِ
يا مَن نتائج فِكرِهِ معلومةٌ .. بالصدقِ مِثلَ دفاعِهِ المأمولِ
مَن شَكَّ في عددِ الطلاقِ لحنثهِ .. في حلفهِ بمقالهِ المبذولِ
مشهورُ مذهبِنا يُعَمَّمُ حِنثهُ .. في كلِّ معنى شَكِّهِ المدلولِ
ومقالةٌ أخرى تُخصِّصُ حِنثَهُ .. بيقِينِهِ لا شَكِّه المحلولِ
وَجْهاهُما استصحابُ حكمٍ سابقٍ .. مُتَيَقَّنٍ أو لاحقٍ مجهولِ ؟
فانظر بعين كمالِكُم ومجالكم .. في مَنزَعاتِ العقلِ والمنقولِ









حواشي ______________________________
[1] انظر : الموسوعة الفقهية الكويتية (28/ 181)
[2] انظر : عيون المسائل للسمرقندي الحنفي (ص 230) ، نهاية المطلب للجويني (14/ 453) ، تحفة المحتاج للهيتمي (8/ 175)
[3] انظر : تبيين الحقائق للزيلعي (3/ 227) الذخيرة للقرافي (12/ 184) ، نهاية المطلب للجويني (16/ 273) ،  الكافي لابن قدامة (3/ 277) ، الموسوعة الفقهية الكويتية (19/ 173)
[4] تاج العروس (17/ 209)