ثلاث
مسائل أصولية لم يجد الشيخ ابن عثيمين عليها مثالاً
بقلم
: محمد أحمد العباد
باسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى
آله وصحبه ، وبعد :
فهذه مقالة وجيزة حول ثلاث مسائل أصولية أوردها
الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في كتابه النافع "الأصول من علم
الأصول" وكذا في شرحه ، وذكر أنه لم يجد عليها مثالاً سليماً ، فأحببت في هذه المقالة أن أذكرها مع شيء من
التعليق اليسير ، وذلك على النحو الآتي :
1 – المسألة الأولى : تخصيص (القرآن الكريم) بـ (الإجماع) :
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الأصول
من علم الأصول" (ص 42) في معرض حديثه عن تخصيص الأدلة ما نصه : (( من أمثلة تخصيص الكتاب بالإجماع: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ
ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: من الآية 4] خص بالإجماع على أن الرقيق القاذف يجلد أربعين،
هكذا مَثَّلَ كثيرٌ من الأصوليين ، وفيه نظر لثبوت الخلاف في ذلك، ولم أجد له مثالاً
سليماً )) . اهـ
التعليق :
حاولت أن أقف على مثال من كلام الشيخ ابن
عثيمين نفسه فلم يتسنى لي ذلك إلا أن هناك ما قد يصلح أن يعتبر مثالاً وهو ما ذكره ابن رشد في "بداية المجتهد" (4/
247) : (( قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على
أنفسكم أو الوالدين والأقربين} [النساء: 135] ، والأمر بالشيء يقتضي إجزاء المأمور
به إلا ما خصصه الإجماع من شهادة المرء لنفسه )) . اهـ
.
.
.
2 - المسألة الثانية :
تخصيص (السنة) بـ(الإجماع) :
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الأصول
من علم الأصول" (ص43) : (( لم أجد مثالاً لتخصيص السنة بالإجماع )) . اهـ
التعليق :
ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" (2/
51) ما قد يصلح أن يكون مثالاً وهو حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه الوارد
في صحيح مسلم (681) : (( إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى
)) ... ، قال ابن حجر : (( مخصوص بالإجماع في الصبح )) . اهـ ، بل وقد ذكر الشيخ ابن
عثيمين نفسه مثالاً لتخصيص السنة بالإجماع وهو الحديث الذي أخرجه أبو داود (66)، والنسائي
(174)، والترمذي (66) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم: (( إن الماء طَهُورٌ لا ينجسه شيء)) ، حيث قال رحمه الله في
"شرح بلوغ المرام "(1/ 64) ما نصه : ((ومن فوائد هذا الحديث : جواز تخصيص السنة بالاجماع ؛ لأن الماء إذا
تغير بالنجاسة فإنه يكون نجساً)) . اهـ
إلا أن الشيخ رحمه الله قد استدرك فقال : (( على
أن هذا التخصيص قد يعارض في كونه ثابتاً بالإجماع ؛ لأن هناك نصوصاً تومئ إلى أن
ما تغير بالنجاسة فهو نجس)) . اهـ
.
.
.
3 – المسألة الثالثة : نسخ
(القرآن الكريم) بـ (السنة) :
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الأصول
من علم الأصول" (ص55) : (( نسخ القرآن بالسنّة لم أجد له مثالاً سليماً )) .
اهـ
التعليق :
ذكر الشيخ ابن عثيمين له مثالاً في أحد لقاءات الباب
المفتوح (شريط : 46) فقال : (( لا أعلم شيئاً
من القرآن نُسِخَ بالسنة إلا مسألة اللوطي -نسأل الله العافية- فإن الله تعالى قال
في القرآن: {وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا
فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَحِيماً} [النساء:16] فهذه
الآية تدل على أن الفاعلين يؤذيان حتى يتوبا ويصلحان، فجاءت السنة: (من وجدتموه يعمل
عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) فهذا يستدل به على أن السنة تنسخ القرآن
... ، وهذا الذي يحضرني بعد التتبع من نسخ القرآن بالسنة )) . اهـ
.
.
.
هذا
ما تيسَّر لي في هذه الفُرصة القليلة ، على سبيل الاختصار ، فمن استَمْلَحَ منه شيئًا
، فليُجِزْني بدعوةٍ صالحة ، وبالله التوفيق .