نقل مسجد الرومي في منطقة شرق
بقلم : محمد أحمد العباد
أثيرت في الأيام القليلة الماضية موجة من
التصريحات والتي يصب غالبها –حسب ما رأيت- في جانب الرفض والاستنكار لقرارٍ يتعلق بهدم
وإعادة بناء مسجد الرومي في منطقة شرق ، وقد أحببت أن أعلق على هذا الموضوع من أكثر من زاوية ،
وذلك على النحو الآتي :
أولاً : نبذة مختصرة عن المسجد :
في عام 1893م قام الحاج شملان بن علي بن سيف الرومي
– رحمه الله - بتأسيس المسجد من ماله الخاص وبمساعدات من بعض المحسنين من أهل الكويت
، إلا أن هذا المسجد قد تم هدمه بغرض إعادة بنائه مرة أخرى وقد تم ذلك في عام 1965م - وفقاً لمصادر وزارة الأوقاف الكويتية - على طرازٍ
حديث - وهو البناء الحالي وليس القديم - بل وتمت إضافة مئذنة حديثة عالية لم تكن
موجودةً أساساً في الشكل القديم للمسجد ، مما
يعني أن المسجد بصورته الحالية فيه اختلاف عن صورته التي كان عليها عند تأسيسه قبل
123 عاماً ! ولذلك فمن يزور المسجد سيلحظ أن كل ما في المسجد من أساسات ومواد بناء
وغير ذلك كلها تعتبر حديثةً نسبياً ، ما عدا بعض الأبواب ، والشبابيك الخارجية فقط !
ثانياً : حكم نقل المسجد لتوسعة الطرق من منظور فقهي
:
أول ما يُستحسن ذِكرُه في الكلام على هذه
المسألة بصورة إجمالية هو ما روي أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أمر عبد الله بن
مسعود –رضي الله عنه- بنقل مسجدٍ في الكوفة من مكان إلى مكانٍ آخر [1] ، فصار موضع المسجد الأول سوقاً للتمارين - أي : لبائعي التمور - وذلك
لمصلحة بيت المال بحيث يكون موضع بيت المال على مرأى من المسلمين فلا يجرؤ سارق على سرقته
أو اقتحامه أو نقبهِ ، وقد احتج الإمام أحمد بن حنبل بهذه الرواية[2]
ويقول صالح بن أحمد بن حنبل في مسائله لأبيه (3/ 34) : (( قلت لأبي : مسجد يُحَوَّل من مكان إلى مكان ؟ فقال : إذا كان إنما يريد منفعة الناس فنعم )) ، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (30/ 404) : ((إن أحمد يُجَوِّز إبدال المسجد بغيره للمصلحة كما فعل ذلك الصحابة)) . اهـ
وأما من الفقهاء المعاصرين فمن أصرح الفتاوى في هذا الصدد ما ورد ضمن "مجموع فتاوى ورسائل" الشيخ محمد بن صالح العثيمين (12/ 396) ؛ حيث سئل فضيلة الشيخ: عن حكم هدم المساجد لصالح الشوارع؟ وهل يختلف الحكم فيما إذا كان يوجد مسجد آخر قريب منه يقوم مقامه؟ فأجاب بقوله : (( هدم المساجد لمصلحة الشارع جائز إذا كان سيعمر بدله في مكان قريب منه بحيث لا يضر على أهل المسجد الأولين )) . اهـ
وكذلك وَرَدَ ضمن فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية (6/ 233) سؤالٌ عن (( هدم المسجد وإعادة بنائه، أو نقله إلى مكان قريب؟ )) فأجابت اللجنة بما نصه : (( الأصل جواز ذلك، إذا كان لأسباب شرعية ومصلحة إسلامية راجحة )) . اهـ
وأما إذا انتقلنا إلى فتاوى قطاع الإفتاء التابع
لوزارة الأوقاف الكويتية فكثيراً ما تكرر السؤال والإجابة عن هذه المسألة ، ومن ذلك
ما ورد في في (مجلد6/ ص98) وهي فتوى توجهت بها وزارة الإسكان قبل بناء المنازل الحكومية والبنية التحتية
لمنطقة أم الهيمان (ضاحية علي صباح السالم حالياً)
حيث كان يوجد بعض المساجد التي رأت الإسكان ضرورة
هدمها ؛ لتنفيذ مخطط المنطقة ، فأجابت لجنة الفتوى بما يلي :
(( جواز الهدم إذا تمت الشروط الآتية:
1 ـ أن يلتزم ببناء مسجد جديد في نفس القطعة ويكون
بديلاً عن المسجد القديم بحيث يحمل اسم المسجد القديم.
2 ـ لا يهدم المسجد القديم حتى يتم فتح المسجد الجديد
للمصلين.
3 ـ لابد أن يكون المسجد البديل بما لا يقلّ عن
المسجد القديم من حيث المساحة ونوع البناء.
4 ـ لا يهدم المسجد القديم إلاّ بعد اطلاع لجنة
خاصة على المسجد الجديد والموافقة على أن المسجد الجديد قد توفرت فيه الشروط المذكورة
)) . اهـ
وجاء أيضاً في فتوى أخرى لقطاع الفتوى بوزارة الأوقاف
ما نصه : (( يهدم المسجد في حدود الضرورات
القصوى كالحاجة إلى توسيع شارع ضاق بالمارة، ولا يمكن توسيعه إلا من جهة المسجد، أو
خلو الحي من السكان بحيث يصبح المسجد معه مهجوراً بالكلية ... ويلتزم ببناء مسجد جديد
بديل عنه في أقرب موقع يحتاج إليه فيه، والإسراع في ذلك حتى لا تتعطل الشعائر، وإن
أمكن إقامة المسجد الجديد قبل هدم المسجد الأول أو معه فهو الأولى ، ولابد أن يكون
المسجد البديل مساوياً للمسجد المهدوم من حيث المساحة وطرق البناء أو أفضل منه ))
. اهـ
.
.
.
الموقع الحالي للمسجد والموقع المقترح