الأحد، 5 أبريل 2015


الجُمَل النَّدِية من ألقاب المسائل الفقهية ( 1 )
بقلم : محمد أحمد العباد

باسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد : فهذه مجموعة مقالات تدور حول بعض المسائل المنصوصة في كتب الفقهاء بألقابٍ وتسمياتٍ مخصوصة ، إما تمييزاً لها عن غيرها من المسائل ، أو لخروجها عن القواعد المطَّردة والأصول المقررة لدى بعض الأئمة ، أو نسبةً للمفتي في تلك المسألة أو للمستفتي أو لعبارةٍ وردت ضمن الفتوى ، أو لغير ذلك من الأسباب ، وقد أعرضتُ عن المسائل المتعلقة بأحكام المواريث حيث أفردها بعض أهل العلم فاكتفيت بالمسائل الفقهية في الأبواب الأخرى واجتهدتُ في إيضاحها وإيجازها بغير إطالةٍ تؤدي إلى الملالة ، ورتبتها على حروف المعجم ، فإلى المادة :




حرف الألف :




1 - مسألة : ( أَخِّرني وأزيدَك ) :
وهي مسألة تُذكر في أحكام البيوع وأبواب الربا ونص عليها بهذه التسمية عددٌ من فقهاء المالكية وصورة المسألة مثل أن يقول الشخص الذي عليه دين بمبلغ (3000د.ك مثلاً) عند حلول أجل الدين : (أَخِّرني ، وأنا سأعطيك أكثر مما لك علي) ، وهذا لا يجوز لأنه سلفً بزيادة وهو نحو ما كانت الجاهلية تفعل من الربا .[1]


.
.
.


2 - مسألة ( أم التشهدات / أم الجناحين ) :
وهي مسألةٌ واحدةٌ تحمل لقبين ، فسبب تسميتها بـ(أم التشهدات)[2] هو وجود أربعة تشهدات فيها ، وسبب تسميتها بـ(أم الجناحين) [3]   هو أن المصلي في هذه المسألة يقرأ في أول الصلاة بالفاتحة وسورة أخرى ويقرأ كذلك في آخر ركعة الفاتحة مع سورة أخرى فلقِّبت بـ(أم الجناحين) لثِقل طرفيها بأم القرآن وسورة ، وهذه المسألة إنما هي وفق مذهب المالكية وتحديداً ابن القاسم تلميذ الإمام مالك رحمهم الله ، وصورة هذه المسألة هي ما إذا أدرك شخصٌ مع الإمام الركعة الثانية ، وفاتته الثالثة والرابعة لرعاف في الأنف ، ثم بعد غسل دم الرعاف عاد ذلك الشخص وقد  وجد الإمام سَلَّمَ من الصلاة ، وحينئذ فإنه يبني على ما صلاّهُ سابقاً ، وذلك على النحو الآتي :

1 - يأتي ويستأنف بدءاً من تلك الركعة الثالثة - التي رعف فيها - ويقرأ بالفاتحة فقط ، ومع ذلك يجلس للتشهد لأنها تُعتبر ركعته الثانية في حقيقة الأمر .
2-  ثم يأتي بالرابعة كذلك ويجلس ؛ لأنها آخرة الإمام الذي صلى معه .
3 - ثم يقضي الركعة الأولى التي فاتته أولاً ، ويقرأ فيها بالفاتحة وسورة ، ويجلس فيها للتشهد ويسلِّم.
فاجتمع في هذه الصلاة أربع تشهدات وكل واحد منها سنة ، وليس الغرض هو مناقشة المسألة من الناحية الفقهية وبيان الراجح والمرجوح ، وإنما إعطاء تصور للمسألة وعرض معناها بإيجاز ، والله أعلم .



.
.
.



3 - مسألة (إيداع الشهادة)  :
وهي أن يقول له الخصم : (لا أقرُّ لك حتى تبرئني من نصف الدين أو ثلثه ، وأشهد عليك أنك لا تستحق عليّ بعد ذلك شيئاً )
فيأتي صاحب الحق إلى رجلين آخرين فيقول : (اشهدا أني على طلبِ حَقِّي كُلِّه من فلان ، وأني لم أبرئه من شيء منه وأنِّي فقط أريد أن أظهر مُصالحَتهُ على بعضهِ ، وأني إذا أشهدتُ أنِّي لا أستحق عليه سوى ما صالحني عليه فهو إشهادٌ باطلٌ ، وأني إنما أشهدتُ على ذلك توصلاً إلى أخذ بعض حقي ) .[4] 


        كما وتسمى هذه المسألة أيضاً بـ (بَيِّنة الاسترعاء) [5]






.
.
.






4 - مسألة ( الإنماء ) :
تتضح  صورة المسألة من خلال معرفة سبب تسميتها وهو ما روي فيها عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال لرجلٍ يرمي الصيد :  (( كُلْ ما أَصْمَيْتَ ودع ما أَنْميتَ)[6] قال ابن الصلاح في " شرح مشكل الوسيط" (4/ 196) : (( فالإنماء: أن تصيب الصيد ثم يغيب عن بصرك، ثُمَّ تدركه ميتاً ، والإصماء: أن يأخذ الكَلبُ – مثلاً - الصيد وأنت تراه وتلحقه وقد قتله )) . اهـ
وتنقسم حالة الصيد الذي جرحه سهم الصياد أو كلبه ثم غاب الصيد عنه ثم وجده ميتا :
-       فإن أنهى وقضى ذلك الجرح على حركة المذبوح حَلَّ ولا أثر لغيبته .
-       وإن لم يقضِ على حركته نَظَرنا : إن وجده في ماءٍ أو وجدَ عليه أثر صدمةٍ أو جراحةٍ أخرى ونحو ذلك لم يحل سواء وجد الكلب عليه أم لا لأنه لا يعلم كيف هلك .
-       وإن لم يكن فيه أَثَرٌ آخر ففيه خلاف ليس هذا موضع تفصيله ، قال النووي في "المجموع" (9/ 118) : (( قال أصحابنا - يعني الشافعية - : وتُسمى هذه المسألة مسألة الإنماء ، والله أعلم )) . اهـ











[1] حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (2/ 165) الثمر الداني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني (ص 508)
[2] انظر : الشرح الكبير للشيخ الدردير (1/ 275) .
[3] انظر : مجالس ابن القاسم التي سأل عنها مالكا (ص 94) ، شرح مختصر خليل للخرشي (1/ 243) .
[4] التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (6/ 272) ، إعلام الموقعين لابن القيم (4/30) ، شفاء الغليل في حل مقفل خليل (ص 638) ، وللوقوف على أقوال الفقهاء في المسألة يُنظر : الموسوعة الفقهية الكويتية (5/ 44)

[5] منح الجليل شرح مختصر خليل (6/ 148) ، شرح مختصر خليل للخرشي (4/ 21)


[6] أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4/ 459-460) وابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 371) .
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق