الجمل
الندية من ألقاب المسائل الفقهية (4)
بقلم
: محمد أحمد العباد
باسم
الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين ، أما بعد : فهذه المقالة الثالثة ضمن سلسلة مقالات تدور حول بعض المسائل
المنصوصة في كتب الفقهاء بألقابٍ وتسمياتٍ مخصوصة ، إما تمييزاً لها عن غيرها من المسائل
، أو لخروجها عن القواعد المطَّردة والأصول المقررة لدى بعض الأئمة ، أو نسبةً للمفتي
في تلك المسألة أو للمستفتي أو لعبارةٍ وردت ضمن الفتوى ، أو لغير ذلك من الأسباب ،
وقد أعرضتُ عن المسائل المتعلقة بأحكام المواريث حيث أفردها بعض أهل العلم فاكتفيت
بالمسائل الفقهية في الأبواب الأخرى واجتهدتُ في إيضاحها وإيجازها بغير إطالةٍ تؤدي
إلى الملالة ، ورتبتها على حروف المعجم ، فإلى المادة :
1 - مسألة
:(حمار ربيعة) :
المسألة
المعروفة في المذهب المالكي بـ(حمار ربيعة) هي مثال كغيره من الأمثلة التي يرتبط فيها العنوان
– الذي لا يخلو من طرافة - بسياقه المجتمعي ، وصورتها إجمالاً تدور حول (الإقالة[1] من عقد
البيع مقابل زيادة يدفعها من يطلب الإقالة) ، وسبب تسميتها بهذا الاسم : أنَّ
الفقيه ربيعة بن أبي عبد الرحمن - المعروف بـ(ربيعة الرأي) - سُئِلَ عن رجلٍ باع
حماراً بثمنٍ مؤجل (10 دراهم مثلاً) ثم طلب البائع من المشتري الإقالة من هذا البيع
مقابل دينار يعطيه إياه إمّا معجَّلاً أو مؤجَّلاً ، فقال ربيعة رحمه الله – كما
في "المدونة" (3/ 166) - : إن هذه الصورة لا تكون إقالة من البيع بل هي
بيع آخر ، وقال : (( إنما الإقالة أن يترادَّ البائعُ والمبتاع ما كان بينهما على ما
كان البيع عليه )) . اهـ
وقال أبو عمر ابن عبد البر في "الاستذكار"
(21/ 10) : (( لا خلاف بين العلماء أن الإقالة إذا كان فيها نقصان أو زيادة أو تأخير
أنها بيع )) . اهـ
.
.
.
2 - مسألة
( الحبلى / المجوَّفة ) :
وهي
مسألة أيضاً تأتي بهذا اللقب في مذهب المالكية ، وتأتي في باب المسبوق في الصلاة
وصورتها في شخص فاتته الركعتان الأولى والثانية ، وأدرك الركعة الثالثة فقط ، ثم
رعف أنفه قبل الركعة الرابعة ففاتته الرابعة لأنه خرج لغسل أنفه ففي هذه الحالة
عندما يعود لكي يصلِّي فعليه وفق قول- سُحنون من المالكية - فعل الآتي :
1
– يأتي بركعة يقرأ فيها بالفاتحة وسورة ويجلس للتشهد ؛ لأنها الركعة الثانية
بالنسبة إليه .
2
- ثم يأتي بركعة يقرأ فيها أيضاً بالفاتحة وسورة لأنها الركعة الثانية بالنسبة إلى
إمامه الذي كان يصلي خلفه ، ولا يجلس لأنها الركعة الثالثة بالنسبة إليه هو .
3
– ثم يأتي بركعة يقرأ فيها بالفاتحة فقط ويجلس فيها للتشهد الأخير ويسلّم .
يقول
الشيخ خليل بن إسحاق المالكي في "التوضيح" (1/ 91) : (( وتُسمى هذه الحُبْلَى
والمُجَوَّفَةَ؛ لصيرورةِ السورتين في وسطِها )) .اهـ ، وقال الصاوي في "بلغة
السالك" (1/ 282) : (( تُلَقَّب بالحبلى لثقل وسطها بالقراءة )) . اهـ
.
.
.
3 – مسألة
(خلع الثلث) :
وهي مسألةٌ تُذكر في باب الوصايا ، وهي في الذي
يوصي في ثلث ماله فيقول مثلاً : (( أوصي لفلانٍ
بكذا ، ولفلان بكذا )) ، ويسمي مالا من ماله يخص به الموصى إليهم ، ثم بعد موته يقول
ورثته : (( لقد زاد الميت في وصيته على الثلث )) ، ففي هذه الحالة يقول الإمام مالك في
"الموطأ" (2826) : (( إن الورثة يُخَيَّرُون :
-
بين أن
يعطوا أهل الوصايا وصاياهم ، ويأخذون جميع مال الميت .
-
وبين
أن يقسموا لأهل الوصايا ثلث مال الميت فقط فتكون حقوقهم فيه إن أرادوا )) .
قال أبو
عمر ابن عبد البر في "الاستذكار" (23/ 47) : (( هذه مسألة معروفة لمالك وأصحابه
يدعونها "مسألة خلع الثلث" ، وخالفهم
فيها أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور وأحمد وداود وأصحابهم وأنكروها على مالك رحمه الله
)) . اهـ
وكذلك يندرج تحت هذه المسألة – كما في "المغني" لابن قدامة (6/ 208) - المحاباة في مرض الموت في البيع والشراء كأن يبيع المريض لشخص معيّن شيئاً قيمته (3000 آلاف دينار) بـ(1000 دينار) فقط ، فعند الجمهور أن البيع يصح ولكن صحته تتوقف على إذن الورثة وإجازتهم ، قال ابن قدامة : (( وعند مالك : للمشتري أن يفسخ البيع ويأخذ ثلث المبيع بالمحاباة ، ويسميه أصحابه "خلع الثلث" )) . اهـ
وكذلك يندرج تحت هذه المسألة – كما في "المغني" لابن قدامة (6/ 208) - المحاباة في مرض الموت في البيع والشراء كأن يبيع المريض لشخص معيّن شيئاً قيمته (3000 آلاف دينار) بـ(1000 دينار) فقط ، فعند الجمهور أن البيع يصح ولكن صحته تتوقف على إذن الورثة وإجازتهم ، قال ابن قدامة : (( وعند مالك : للمشتري أن يفسخ البيع ويأخذ ثلث المبيع بالمحاباة ، ويسميه أصحابه "خلع الثلث" )) . اهـ
.
.
.
4 – مسألة
(الـخُـمـاس) :
مسألةٌ
تعرف بمسألة (الخماس) تُذكر في أحكام المُزارَعَة ، وصورتها أن يخرج أحدهما البذر والأرض
والبقر وآلات ونفقات ، ويكون على الطرف الآخر عمل يده فقط ، ويكون له من الزرع جزءٌ
كربع أو غيره من الأجزاء ، وهذه صورة من صور المزارعة الصحيحة المنصوص على صحتها
كلٌّ من الحنفية والشافعية والحنابلة[2] ، وقد
سمى المالكية هذه المسألة بـ(مسألة الخُماس) إلا أنهم اشترطوا لكي تصح أن تنعقد
بلفظ (الشركة) فإن عُقِدت بلفظ (الإجارة) لم تصح لأن أجرة العامل حينئذٍ ستكون
مجهولة[3] ، ولم
أقف على سبب تسمية المسألة بهذا الاسم ، إلا أنه من المحتمل أن يكون السبب هو أن
صاحب الأرض يقول مثلاً للعامل ( اعمل ولك خُمس الزرع ) فيسوغ تسمية العامل حينئذ بأنه
(خُماس) إن كان نصيبه الخُمُس ، كما تسوغ تسميته مرابعاً إن كان نصيبه الرُّبع[4] ، والله
أعلم .
الحواشي :
[1]
الإقالة في اصطلاح الفقهاء: هي رفع العقد وإلغاء حكمه وآثاره بتراضي
الطرفين . انظر : الموسوعة الفقهية الكويتية (5/ 324)
[2]
انظر : الموسوعة الفقهية الكويتية (37/ 65)
[3] انظر : التاج والإكليل للموَّاق (7/ 154)، شرح الرسالة لأبي العباس البرنسي المعروف بـ
زرُّوق (2/ 790) ، شرح مختصر خليل للخرشي
(6/ 66)
[4] انظر : تكملة المعاجم العربية (4/ 240)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق