الاثنين، 17 فبراير 2014

ملتقطات حول عصر ابن حزم من كتابه "المحلى"
بقلم : محمد أحمد العباد



المقدمة :
من المعلوم أن الأمام ابن حزم رحمه الله هو من أهل العلم الذين بوَّأهم الله تعالى منزلة عُليا لدى المعتنين بالعلم الشرعي - على تنوع مجالاته -؛ لذا فإنَّ كتابةَ طالبِ العلم عن جبلٍ من جبال العلم - بمكانة أبي محمد ابن حزم رحمه الله - هي في حقيقتها شرفٌ يعود على ذات الكاتب، وهي كذلك مضمارُ يتسابق الناس فيه، لذلك صممتُ على المساهمة في هذا المقصد  وذلك من خلال جمع - ما وقفت عليه - من أمور أو أحداث ومواقف عاصرها ابن حزم وأوردها في كتابه "المحلى" ، سائلاً الله تبارك وتعالى حسن النية وصلاح العمل، وطالباً من القارئ الكريم العفو عما يبدر من التقصير أو الخلل.




1
قال ابن حزم :
(( دار عثمان t كانت على باب المسجد مشهورة إلى الآن )) .
[ المحلى (2/ 17) ]

تعليق :
أفاد الأنصاري في "آثار المدينة المنورة" (ص35) أن هذه دار عثمان t ظلت معروفة بـ"دار مشايخ الحرم" إلى أن أزيلت في التوسعة السعودية الأولى وموضعها الآن ضمن الرحبة الشرقية للمسجد . وانظر : بيوت الصحابة (ص91)



.
.
.

2
قنوت الفجر في قرطبة
قال ابن حزم :
(( كان يحيى بن يحيى الليثي وبقى بن مخلد لا يريان القنوت .
وعلى ذلك جرى أهل مسجديهما بقرطبة إلى الآن )) .

[المحلى (4/ 143)]


تعليق :
ذكر ابن عبد البر في "الانتقاء" (ص: 59) وابن رشد في "بداية المجتهد" (1/ 141) ما ذكره ابن حزم عن يحيى ، وذكرا استمراره إلى زمانهما وكذلك الحطاب في "مواهب الجليل" (1/ 539) ولكنه قال : (( ومسجده بقرطبة لا يُقنت فيه إلى حين أخذها أعادها الله للإسلام )) ، وأما بقي بن مخلد – تلميذ يحيى - رحمهما الله فهو الذي نشر الحَديث بالأندلس بعد أن كان الغَالِبُ عليها قبل ذلِك حِفْظ رأي مالك وأصحابه كما في "تاريخ علماء الأندلس" لابن الفرضي (1/ 108)
.
.
.

* * *


3
موقف في الجمع بين الصلاتين بعد انقضاء الجماعة الأولى
قال ابن حزم :
(( لقد أخبرني يونس بن عبد الله القاضي قال: كان محمد بن يبقي بن زرب القاضي إذا دخل مسجدا قد جمع فيه إمامُه الراتبُ وهو لم يكن صلى تلك الصلاة بعد ، جَمَعَ بمن معه في ناحية المسجد .
قال علي : القصد إلى ناحية المسجد بذلك عجب آخر )) . اهـ
[ المحلى (4/ 237) ]



تعليق :
علَّق العلامة أحمد شاكر في الصفحة السابقة حاشية (1) على اسم القاضي محمد بن يبقى بن زرب قائلاً ً : (( كذا في الأصلين ، ويُحرَّر )) . اهـ وما في الأصلين اللذين ذكرهما - الشيخ رحمه الله – هو الصواب ؛ فالقاضي المذكور هو أبو بكر القرطبي محمد بن يبقى بن زرب المالكي الأندلسي ، صاحب كتاب "الخصال" في فقه المالكية ، توفي 381 هـ ، ترجم له الذهبي في "السير" (16/ 411) وذكر المحقق في الحاشية عدة مصادر لترجمته ، واما شيخ ابن حزم يونس بن عبد الله فله ترجمة مختصرة في "جذوة المقتبس" للحميدي (ص 385)

.
.
.

4
الجمعة في ميورقة
قال ابن حزم :
(( تُصلَّى الجمعة في أي قرية صغرت أم كبرت ... وقال بعض الحنيفيين: لو كان ذلك لكان النقل به متصلا !
فيقال له: نعم قد كان ذلك، حتى قطعه المقلدون بضلالهم عن الحق، وقد شاهدنا جزيرة (ميورقة) يُجَمِّعون في قراها، حتى قطع ذلك بعض المقلدين لمالك، وباء بإثم النهى عن صلاة الجمعة )) .
[ المحلى (5/ 52) ]



.
.
.

* * *


5
إطالة الخطبة
قال ابن حزم :
(( قال ابن مسعود t : ( أحسنوا هذه الصلاة واقصروا هذه الخطب )
قال أبو محمد : شهدتُ ابن معدان في جامع قرطبة قد أطال الخطبة ، حتى أخبرني بعض وجوه الناس أنه بال في ثيابه.
وكان قد نشب في المقصورة )) . اهـ
[المحلى (5/ 60)]



تعليق :
أخرج مسلم في صحيحه (869) عن واصل بن حيان، قال: قال أبو وائل: خطبنا عمار فأوجز وأبلغ، فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت، فلو كنت تنفست فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (( إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مَـئِـنـَّـةٌ من فقهه، فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة، وإن من البيان سحرا )) . والشيء بالشيء يُذكر .. ، أذكر أن خطيباً في أحد المساجد اعتذر عن الخطبة ، فوفرت وزارة الأوقاف بديلاً كي يخطب في ذلك المسجد ، فجاء هذا البديل إلى المسجد قبل يوم الجمعة ، وسأل بعض رواد المسجد عن مدة الخطبة المعتادة في المسجد لكي لا يتعداها .

.
.
.

* * *


6

المالكية في صلاة العيد
قال ابن حزم :
(( شاهدنا المالكيين لا يقرؤن مع أم القرآن الا { والشمس وضحاها } و { سبح اسم ربك الاعلى}
 وهذان الاختياران فاسدان وإن كانت الصلاة كذلك جائزة، وإنما ننكر اختيار ذلك لأنهما خلاف ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم )) .
[ المحلى (5/ 82) ]




.
.
.
7
المُدّ الذي خُرِط لابن حزم
قال أبو محمد ابن حزم :
(( خُرِط لي مُدٌّ على تحقيق المد المتوارث عند آل عبد الله بن علي الباجي، وهو عند أكبرهم لا يفارق داره .
أخرجه إليَّ ثقتي الذي كلفته ذلك : علي بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن علي المذكور وذكر أنه مُدُّ أبيه وجدِّه وأبي جدِّه ، أخذه وخرطه على مد أحمد بن خالد، وأخبره أحمد بن خالد أنه خرطه على مد يحيى بن يحيى الذي أعطاه إياه ابنه عبيد الله بن يحيى بن يحيى، وخرطه يحيى على مد مالك .

ولا أشك أن أحمد بن خالد صححه أيضا على مد محمد بن وضاح الذي صححه ابن وضاح بالمدينة.
قال أبو محمد: ثم كِلتـُه بالقمح الطيب، ثم وزنتُه فوجدته رطلاً واحداً ونصف رطل بالفلفلي ، لا يزيد حبة ، وكلته بالشعير، إلا أنه لم يكن بالطيب؛ فوجدته رطلا واحدا ونصف أوقية )) . اهـ
[المحلى (5/ 245 - 246)]




تعليق :
ذكر أبو العباس العَزَفي السبتي في كتابٍ أسماه "إثبات ما ليس منه بد لمن أراد الوقوف على حقيقة الدرهم والدينار والصاع والمد"  (ص63) قول ابن حزم : ( ... ثم كلته بالقمح الطيب فوجدته رطلا ونصف رطل بالفلفلي، لا يزيد حبة...إلخ) ثم قال العزفي : (( والفلفلي فيما ذكِر لي وتحققتُه هو العراقي، جرّبناه فلم توافق تجربتنا ما ذكره )) . اهـ ويوافقه ما ذكره العلامة المحقق أحمد شاكر في حاشية رقم ( 1) في المحلى (5/ 212) ، وفي تحديد مقدار الرطل العراقي خلاف قديم بين الفقهاء على ثلاثة أقوال ، ينبني عليها الخلاف في تحديد مقداره على المقاييس الحديثة وتفاوتها ما بين 500 جرام تقريباً إلى 1080 تقريباً . [ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (38 / 307 ) ، و"المقادير الشرعية والأحكام الفقهية المتعلقة بها"  د.محمد الكردي (ص146، 227)

.
.
.

* * *


8
أبكر وقت الزرع والحصاد في بلاد الأندلس
قال أبو محمد ابن حزم :
(( أبكر ما صح عندنا يقينا انه يبدأ بأن يرزع فبلادٌ من "شنت برية" ، وهى من عمل مدينة (سالم) بالاندلس، فانهم يزرعون الشعير في آخر (أيلول) وهو (شتنبر) لغلبة الثلج على بلادهم، حتى يمنعهم من زرعها ان لم يبكروا به كما ذكرنا .
ويتصل الزرع بعد ذلك مدة ستة أشهر وزيادة أيام، فقد شاهدنا في بعض الاعوام زريعة القمح والشعير في صدر (أذار) وهو (مرس) .
وأبكرما صح عندنا حصاده فـ "ألش" من عمل "تدمير"  فانهم يبدؤن بالحصاد في ايام باقية من (نيسان) وهو (ابريل) ويتصل الحصاد اربعة اشهر إلى صدر زمن (أيلول) وهو (اغشت) وهي كلها صيفة واحدة، واستحصاد واحد متصل )) .
[ المحلى (5/ 261- 262) ]

تعليق :
شتنبر = سبتمبر 9
مرس = مارس 3
أغشت = أغسطس 8



.
.
.

* * *


9
الاسم المتداول لأحد النباتات الصحراوية في الأندلس
قال ابن حزم :
(( العجب كله إيجابه [ يعني : في مذهب الإمام مالك ]  الزكاةَ في "زيت الفجل" وهو لا يؤكل ، وإنما هو للوقيد  خاصة ولا يعرف إلا بأرض مصر فقط .

وأخبرني ثقة في نقله وتمييزه أن المسمى بمصر (فجلاً) يعمل منه الزيت الذى رأى مالك فيه الزكاة : هو النبات المسمى عندنا بالاندلس (اللبشتر) وهو نبات صحراوي لا يغترس أصلا )) . اهـ
[ المحلى (5/ 214) ]



تعليق :
قال المحقق  في حاشية رقم (1)  على ( ج5 ص 215) : (( ضُبِطَت هذه الكلمة بالقلم في النسخة رقم (14) بفتح اللام وكسر الباء الموحدة وإسكان الشين المعجمة وفتح التاء المثناة ، ولم أصل إلى تحقيقها ، ولعلها كلمة أسبانية مما عرب بعد فتح الاندلس )) . اهـ وقد سألتُ بعض المهتمين بالتاريخ الأندلسي من يقيمون في أسبانيا ويتقنون اللهجة الأسبانية عن أي نبات صحراوي يكون لفظه قريباً من لفظة "لبشتر" ، أو يكون شكله مشابهاً للفجل المصري فلم أظفر بشيء ، ثم أوقفني أحد الفضلاء - وهو المغرد الحجي نور الدين @AVERROES08 - على ما جاء في كتاب "عمدة الطبيب في معرفة النبات" لأبي الخير الإشبيلي ( نبات رقم : 2339 ) ونصه : (( لباشتر : نبات توقعه العرب على "العتم" ، وقيل : إنها بقلة معروفة بجهة غرناطة والمرية ، وهو الصحيح ، وقيل : إنها البقرة المسماة عندنا بالبشتر ، ضربٌ من الفجل البري ، وهو خطأ )) . اهـ قلت : العتم هو الزيتون البري ، والله أعلم بالصواب .
.
.
.
* * *


10
ارتفاع قيمة الدينار بالأندلس
قال أبو محمد ابن حزم :
(( يلزم من رأى الجمع بينهما بالقيمة [ أي : ضم الذهب إلى الفضة لتكميل نصاب الزكاة ] أن يزكى في بعض الاوقات ديناراً أو درهماً ؛ فقد شاهدنا الدينار يبلغ بالاندلس أزيد من مائتي درهم، وهذا باطل شنيع جدا ! )) . 

[ المحلى (6/ 82) ]


.
.
.

* * *


11
طبيعة العنب في بعض نواحي الأندلس
قال ابن حزم :
(( عن عطاء قال: سمعت ابن عباس يقول: والله ما تحل النار شيئا ولا تحرمه قال: ثم فسر لي قوله: لا تحل النار شيئا  -لقولهم في الطلاء - ولا تحرمه ) .
قال أبو محمد :
وهذا هو الحق الذى لا يصح عن أحد من الصحابة سواه، ... وقد صح عندنا أن بحبال رية أعناباً إذا طُبِخ عصيرها فنقص منه الربع صار روباً خاثراً لا يُسكر بعدها كالعسل ، فهذا حلال بلاشك، وشاهد نا بالجزائر أعناباً رميلة تطبخ حتى تذهب ثلاثة أرباعها وهى بعد خمر مسكرة كما كانت فهذا حرام بلا شك )) .
[ المحلى (7/ 498) ]

تعليق :
الطلاء يُراد به ما يعتصر من بعض الفواكه كالعنب ثم يُعَرَّض للحرارة حتى يغلظ ويثخن ويصير خاثراً .



.
.
.

* * *


12
فتوى مستبشعة لشيخ من المالكية لم يُسمَّ
قال ابن حزم :
(( أخبرني محمد بن عبد الله البكري التدميري ، وما علمت فيهم أفضل منه ولا أصدق ، عن شيخ من كبارهم : أنه كان يفتى أن التاجر أو الرسول إذا دخل دار الحر ب فأعطوه أُسَراءَ من أحرار المسلمين وحرائرهم عطيةً فهم عبيدٌ وإماءٌ له  كسائر ما يملك !
شاهَ وجهُ هذا المفتي ومن اتبعه على هذا )) .
[ المحلى (8/ 275) ]


تعليق :
جاء في " ترتيب المدارك" للقاضي عياض  (8/ 34) : (( أبو الوليد بن مقبل رحمه الله ، واسمه محمد بن عبد الله البكري. من أهل "مرسية" ، ولازم مدةً "قرطبة"، ... كان فقيهاً ديّناً... وكان من أحفظ الناس لمذهب مالك. وأقومهم فيه حجة. عالماً بصحيح الحديث، وسقيمه ورجاله ... وكان محسوداً ببلده. وتوفي فيها. - قرأته بخط شيخنا القاضي عبد الله التميمي - في شوال سنة  436 هـ ،  مولده سنة  362 هـ )) . اهـ 
قلت : و "تدمير" هي "مرسية" ، وإنما سميت تُدمير باسم أحد زعمائها ومحاربيها والذي هُزِم على يد الأمير طارق بن زياد رحمه الله ، كما في "البيان المغرب" لابن عذاري المراكشي (2/ 11)
.
.
.

* * *


13
كيفية بيع بعض المبيعات في بلاد الأندلس
قال أبو محمد ابن حزم :
(( ما يوزن في بلدة يكال في أخرى: كالعسل، والزيت والدقيق، والسمن، يباع الزيت والعسل ببغداد والكوفة وزنا، ولا يباع شيء منها بالأندلس إلا كيلاً.
ويباع السمن والدقيق في بعض البلاد كيلاً ، ولا يباع عندنا إلا وزناً ، والتين يباع بـ"ريّة" كيلا، ولا يباع بـ"إشبيلية" و"قرطبة" إلا وزناً، وكذلك سائر الأشياء )) .
[المحلى (8/ 483)]



.
.
.

* * *


14
من الأثمان في زمن ابن حزم
قال أبو محمد ابن حزم :
(( عن أنس بن مالك t ان عبد الرحمن بن عوف t  قال لرسول الله r : (( تزوجت امرأة من الانصار )) ، فقال له رسول الله r : (( كم سقت إليها ؟ )) ، قال : (( وزن نواة من ذهب )) ، فقال له رسول الله r : (( أولم ولو بشاة )) قال عبد الرزاق: فأخبرني اسماعيل بن عبد الله عن حميد عن أنس t قال : (( وذلك دانقان من ذهب )) .
قال أبو محمد : الدانق سدس الدرهم الطبري ، وهو الاندلسي ، فالدانقان وزن ثلث درهم أندلسى ، وهو سدس المثقال من الذهب )) .
[ المحلى (9/ 500)]


.
.
.

* * *


15
الزواج في مرض الموت
قال أبو محمد ابن حزم :
(( تزويج المريض الموقن بالموت أو غير الموقن مريضة كذلك أو صحيحة جائزٌ ، ويرثها وترثه ، مات من ذلك المرض أو صح ثم مات ، وكذلك للمريضة ... ، وتزوج شيخنا أبو الخيار مسعود بن سليمان رضى الله عنه قبل موته بسبع ليال وهو مريض يائس من الحياة ودخل بها احياء للسنة )) . اهـ
[ المحلى (10/ 25 - 26) ]



تعليق :
قال الحميدي في "جذوة المقتبس" (ص 350) : (( مسعود بن سليمان بن مفلت أبو الخيار، فقيه عالم زاهد، يميل إلى الاختيار والقول بالظاهر )) . اهـ وقد أثنى ابن حزم على شيخه هذا ونوَّه بفضله في مواضع من كتبه كـ ("جوامع السيرة" ص335  ، و "التلخيص لوجوه التخليص" ص85 ، وطوق الحمامة ص315) فيبدو أن أبا الخيار هذا -  رحمه الله – كان ممن أثر في ميل ابن حزم تجاه المذهب الظاهري ، والله أعلم .


.
.
.


* * *


16
منظر ضرب العنق كما شاهده ابن حزم
 (( لم نخالفهم قط في أن المثلة لا تحل ، لكن قلنا: إنه لا مُثلة إلا ما حرَّم الله عزوجل ، وأما ما أمر به عزوجل فليس مثلة ... ، وبالله إن ضرب العنق بالسيف لأعظم مثلة ؛ ولقد شاهدناه ،  فرأيناه منظرا وحشا وكأنه جسد بأربعة أفخاذ ، فظهر فساد احتجاجهم بالمثلة وصح ان كل ما أمر به r  فليس هو مثلة ، إنما المثلة من فعل مانهاه الله تعالى عنه متعديا ولا مزيد )) .
[ المحلى (10/ 374 - 375) ]




.
.
.

* * *

17
موضع منزل أحد شيوخ ابن حزم
قال أبو محمد ابن حزم :
(( حدثنا أبو عمر احمد بن قاسم في منزله بمدينة قرطبة عند مسجد القصارين قال : حدثنى أبي قاسم بن محمد بن قاسم حدثنى جدى قاسم بن أصبغ نا عبد الله بن روح نا يزيد بن هارون نا محمد بن اسحاق عن الحارث بن فضيل عن سفيان بن أبى العوجاء السلمى عن أبى شريح الخزاعى قال : قال رسول الله r : (( من أصيب بدم أو خبل – والخبل : الجراح - فهو بالخيار في إحدى ثلاث : إما أن يعفو ، وإما أن يقتص ، وإما ان يأخذ العقل ؛ فان أخذ شيئا من ذلك ثم عَدا بعد ذلك فإن له النار خالدا فيها )) .
[ المحلى (10/ 407) ]



تعليق :
الحديث أخرجه أبو داود (4496) وابن ماجه (2623) وأحمد (4/31) من طريق محمد بن إسحاق عن الحارث بن فضيل عن سفيان بن أبى العوجاء ، قال العلامة الألباني في "الإرواء" (7/ 278) : (( سفيان ضعيف ، وابن إسحاق مدلس وقد عنعنه )) . اهـ والله أعلم
وقد سألت بعض الإخوة المهتمين بالتاريخ الأندلسي حول هذا المسجد وما جرى عليه حالياً فلم يتعرف أي منهم على موضعه ، و"القصار" نسبة إلى مهنة تقصير الثياب ، والله أعلم .
.
.
.

* * *


18
وحشية معلم !
قال أبو محمد ابن حزم :
(( كان في أصحابنا فتى اسمه يبقى بن عبد الملك ، ضربه معلمه في صباه بقلم في خدِّه ، فيبست عينه .
فهذا عمد يوجب القود لأن الضربة كانت في العصبة المتصلة بالناظر )) .

[ المحلى (10/ 427) ]

.
.
.

* * *


19
من أي الخصيتين يتكون المني ؟
قال ابن حزم :
(( روينا من طريق الحجاج بن المنهال نا حماد بن سلمة نا قتادة عن سعيد بن المسيب قال : في البيضة اليمنى ثلث الدية ، وفي اليسرى ثلثا الدية ؛ لأن الولد يكون منها .
أما قوله : ( إن الولد من اليسرى ) فقد أخبرني أحمد بن سعيد بن حسان ابن هداج العامري وكان ثقة مأمونا فاضلا انه أصابه خراج في البيضة اليسرى أشرف منه على الهلاك ، وسالت كلها ولم يبق لها أثر أصلاً ، ثم برئ وولد له بعد ذلك ذكر وأنثى ، ثم أصابه خراج أيضا في اليمنى فذهب أكثرها ، ثم برئ ولم يولد له بعدها شيء )) .
[ المحلى (10/ 450 ، 451) ]


أود أن يكون التعليق على هذا الموقف من خلال 3 نقاط :
1 – أعتذر أولاً عن أي إحراج تسببه قراءة الموقف السابق أو حتى التعليق الآتي عليه .

2 – تأكيداً لما ذكره ابن حزم عن ابن هداج العامري ، ومن خلال أقوال أهل الاختصاص أقول : تبين أنه من المؤكد طبياً إمكانية أن يُنجب الرجل بخصية واحدة فقط ، بل أكد بعضهم إمكانية الإنجاب ولو كان لدى الرجل سدس خصية فقط، لأن هذا الجزء يستطيع أن ينتج الحيوانات المنوية اللازمة لتخصيب البويضة ، والله أعلم . مصادر من مواقع إخبارية واستشارية طبية : 1  ، 2  ، 3  ، 4

3 – الأثر الوارد عن سعيد بن المسيب هو من رواية حماد بن سلمة عن قتادة وقد ذكر مسلم في كتابه "التمييز" (ص218) أن حماد بن سلمة يخطىء في حديث قتادة كثيراً . ومسلم رحمه الله وإن كان قد خرَّج حديثه في الصحيح إلا أنه – كما ذكر الحافظ ابن رجب في "شرح العلل" ( 2/ 783) – إنما خرَّج حديثه عن قتادة فيما تابعه ووافقه عليه غيره من الثقات ولم يُخرِّج له شيئاً تفرد به ، والله أعلم 
.
.
.

* * *


20
  
أسماء بعض القضاة في زمن ابن حزم :




إسماعيل بن دليم الحضرمي قاضي ميورقة كما في "المحلى" (7/ 52) أو أحمد بن اسماعيل الحضرمي القاضي كما في "المحلى" (9/ 498) ، حمام بن احمد بن حمام القاضي ، روى عنه الحديث في مواضع كثيرة في "المحلى" مثل  (9/ 57 و 10/ 353) ، محمد بن إسماعيل العذري القاضي بسرقسطة كما في " المحلى" (8/ 415) ، وذكره قبل ذلك مع شيخ آخر في "المحلى" (3/ 182) فقال : (( محمد بن اسماعيل العذري القاضى بالثغر ومحمد بن عيسى قاضى طرطوشة )) .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق