هل الغبار يقتل الحشرات والميكروبات
والجراثيم؟
س: يتناقل الناس مقولة لابن خلدون
في مقدمته حيث قال: "يرسل الله الغبار فتقوم هذه
الأتربة والغبار بقتل الحشرات، وتتراوح حجم حبة الرمل بحسب الحشرة فبعضها صغير يدخل
عيونها، وبعضها يدخل أنوفها وبعضها في جوفها، وبعضها في آذانها وتميتها، فلا يقتلها
ويبيدها إلا الغبار" فما رأيك أنت بما قال؟
ج:
أولاً: لا أدري من أين أتى الناس بهذه المقولة! فهي لم ترد في كتابه المقدمة كما
نقلوا.
ثانياً: الذي يظهر ـ والعلم عند الله ـ أن الغبار بوجه عام أضراره أكثر
من منافعه ومن أبرز أضراره:
التلوث البيئي، ويرفع درجة الحرارة ليلاً، كما تتسبب العواصف الغبارية
في الأمراض الرئوية كالربو، وأمراض العيون كجفاف العين، كما ثبت أن ذرات التراب
تحمل على ظهرها البكتريا الضارة، والفيروسات، والجراثيم الفطرية، فتنقلها من مكان
إلى آخر، ويشار إلى إن العواصف الغبارية في أفريقيا هي المسؤولة عن نشر جراثيم
التهاب السحايا (الحمى الشوكية) وسط افريقيا، فقد
استطاع الباحثون عزل البكتيريا المسببة لالتهاب السحايا من ذرات الغبار، والأخطر أن
ذرات الغبار الصغيرة 2.5 ميكرون (والميكرون يساوي سُبع قطر الشعرة) والتي يمكن أن
ينقلها الهواء لآلاف الكيلومترات تستطيع حمل البكتيريا إلى مسافات بعيدة جدا، ناهيك
عن كون العواصف الغبارية تتسبب بعشرات الحوادث المختلفة، وتعطيل آلاف
المسافرين وتسبب ربكة في خطوط الملاحة الجوية، وتدفع بالمئات من الناس لمراكز
الطوارئ طلباً للأكسجين، والعواصف الرملية تؤثر بشكل مباشر على النشاط التجاري
والزراعي والسياحي والرياضي والنقل والمواصلات وكذا العمليات الحربية.
س: وماذا عن منافع
الغبار؟
من
منافعه وايجابياته تخفيف أشعة الشمس، ومن ثم انخفاض درجة الحرارة نهاراً، وأثبتت
الدراسات أن هبوب العواصف الغبارية الأفريقية على المحيط الأطلسي نتج عنها تخفيف
أشعة الشمس، ومن ثم تبريده؛ وهذا بدوره خفض معدل الأعاصير المدارية المدمرة والتي
تضرب أميركا وذلك عام 2006م. ومن منافعه والتي ثبتت حديثاً تخصيب الغابات المطيرة
في أمريكا الوسطى والجنوبية على سبيل المثال، عبر نقل المغذيات المعدنية من الصحاري
البعيدة، وثبت أيضاً من منافعه نقل عنصري الحديد والفسفور والتي لها دور في تخصيب
سطح المحيطات بتعزيز نمو العوالق النباتية البحرية (البلانكتون)، وبالتالي تستفيد
الأسماك منها، كما ثبت هذا في شمال المحيط الأطلسي.
س: هل الإنسان وأنشطته السبب
الرئيس وراء حدوث العواصف الغبارية؟
ج:
يظن البعض أن العواصف الغبارية وليدة العصر الحديث، أو نتيجة مباشرة للعبث البيئي
من قِبل الإنسان، والصحيح أن العواصف الرملية قديمة جداً، وسابقة للإنسان، إذ إن
بحار الرمال التي تجثم فوق أرضنا (الربع الخالي، النفود الكبير، الدهناء، الجافورة
..الخ) ماهي إلا نتيجة لعواصف رملية وغبارية عظيمة، حدثت قبل مجيء الإنسان نفسه،
حوالي 7000 - 10000 سنة، ومع ذلك أنشطة الإنسان الحديثة ساهمت في رفع وتيرة العواصف
الغبارية.
س: أنت بالمناسبة طالبت في أكثر من
مرة إلى تعليق الرياضة والمباريات أثناء العواصف الغبارية
لماذا؟
ج: نعم أنا أطالب بتعليق المباريات
خاصة في الملاعب المكشوفة ككرة القدم أن تعلق على غرار الدراسة، في ظل وجود مخاطر
صحية كامنة على اللاعبين، في تنفس كميات كبيرة من العوالق الدقيقة (أقل من 2.5
ميكرون) فإن رئة اللاعب ستكون محط ترسيب لتلك الجزئيات الدقيقة، والخطيرة، والتي قد
تصيب اللاعب بأمراض الجهاز التنفسي، أو لا قدر الله سرطنة الرئة وفقاً لأبحاث
علمية، إذ إن اللاعب وخلال أكثر من 100 دقيقة تقريباً، يضطر إلى استخدام كميات
ملوثة من الهواء أكثر من غيره.
*******
*عضو
هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق