الخميس، 5 مارس 2015


الشيخ يوسف بن عيسى القناعي والقبورية . . وجهاً لوجه
بقلم : محمد أحمد العباد

 


.
.


.
.
.
تعددت المظاهر التي تبين مقدار الغلو في القبور وأهلها ، إلا أن من أكثرها شيوعاً وشناعةً : اتخاذُ البعضِ أهلَها وسائط إلى الله ليقربوهم إلى الله زلفى .
وبين يديك أخي القارئ الكريم ملتقطات من كلام ومواقف لشخصية من الشخصيات ذات التأثير المهم في بلادنا ، والتي كانت تحمل شعوراً عقدياً بينت فيه عدمَ غفلتها عما يدور في العالم الإسلامي من مظاهرَ مخالفةٍ للشرع يأباها دين التوحيد .
إن صاحب هذه الشخصية هو الأستاذ والمربي الكبير الشيخ يوسف بن عيسى القناعي رحمه الله والذي لا يوجد مشروع في وطنه قام على دعائم البر والإحسان إلا وله فيه يد ، ولا طريق من طرق الإحسان إلا وله فيه أثر، وكانت نوافحه في كل ذلك تفوق نوافح مَن سواه مِن أبناء جلدته .
وما كان بأكثرهم مالاً ، ولا بأوسعهم ثروةً ، وإنما هو الشعور بالواجب الذي تصامم عنه كثير من أبناء جنسه .
فإلى المادة :
.
.
.
----------
.
.
.
1 – ماذا شاهد الشيخ يوسف في العراق والهند ؟
قال الشيخ يوسف القناعي رحمه الله ( في الملتقطات ج 1 ، ص 59 ، وكرره في ج 5 ، ص 357 – 358 ) :
(( إن المسلمين لم يقنعوا من المشائخ والقبور ، وقد شاهدت بنفسي في العراق والهند أموراً منكرة لا يقرها الشرع ، ولا يقبلها عقل . .
رأيت أناساً يستغيثون بصاحب القبر الميت ، ويطلبون منه ما هو تحت تصرف الخالق ..
ورأيت أناساً يتمرغون على الأعتاب . .
ويصيحون بطلب مرادهم من صاحب القبر . .
وأناساً يضعون السلاسل في أعناقهم . .
وأناساً يدخلون أيديهم في شبابيك القبر رافعين الأصوات يطلبون من صاحب القبر الفرج . .
وأهل العمائم ينظرون إلى هؤلاء البلهاء ويلتمسون لهم القبول ، والشباب المتعلم ينظر إلى هذه السخافات ولا يفوه بِبِنْتِ شَفَة . فرحماك يا رب من هذه العقول السخيفة وهل يُرجى للمسلمين حياةٌ ، والسوادُ الأعظمُ هذه نهايةُ مَدَارِكِهِ ؟!
خرافات وأوهام تعيب العقل والعلما ) . اهـ
.
.

.
.
.
----------
.
.
.
2 – فتش على عقائد جميع المسلمين عدا أهل نجد وما حولها :
قال الشيخ ( في ج 2 ، ص 195 ) تحت عنوان : ( من التفسير ) الكلام الآتي :
( {قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}[ يونس : 49 ] يقول الشوكاني : (( في هذه الآية أعظم واعظ وأبلغ زاجر لمن صار دَيْدَنُهُ وهِجِّيراهُ المناداة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به عند نزول الشدائد والنوازل التي لا يقدر على دفعها إلا الله .
وكذلك من صار يطلب من الرسول ما لا يقدر على تحصيله إلا الله ؛ فإن هذا مقام رب العالمين الذي خلق الأنبياء والصالحين ، فكيف يطلب من نبي أو ملك أو صالح ما هو عاجز عنه ويترك رب العالمين ؟! )) .
ثم عَقَّب الشيخ يوسف رحمه الله على كلام الشوكاني بكلام آخر لا يقل قوة وأهمية عن كلام الشوكاني قائلاً :
( فتش على جميع المسلمين - عدا أهل نجد وما حولها - تجد هذا المعتقد الفاسد في السواد الأعظم منهم ، فعليك أن تزور هذه القبور المزينة بالذهب والفضة والحرير لأجل تلك الرمم البالية فترى الناس حولها وما هم فيه من مخالفة الدين :
يصرخون . .
ويستغيثون بأعلى أصواتهم . .
ضارعين إلى هذه الرمم التي في القبور منها كشف الكرب . .
وإنزال الرزق . .
وإعطاء الولد . .
وإنزال العذاب على أعدائهم . .
و أمور ومهازل يضحك الأجانب منها ويرونها من الدين الإسلامي . .
وعلماء السوء بــ(عــمــــائـــم) كالأبراج ينظرون إلى هؤلاء السخفاء ويقولون لهم : إن هؤلاء الرمم أعطاهم الله التصرف بهذا الكون!(1) فهم ينفعون ويضرون، فويل لهم من غواية الجهلاء، وويل لهم مما يفترون، فيا علماء السوء أبزوا لنا صكا من الله لأهل هذه القبب بهذا التصرف في كونه إن كنتم صادقين ، وهل يرجى لنا حياة، والسواد الأعظم هذا معتقده؟
فأين هؤلاء الأوصياء والأولياء والأقطاب والأوتاد عن طرق اليهود من فلسطين؟ أما يكفيكم يا معشر المسلمين المخرفين المتفرقين انتصارُ هذه الشرذمة اليهودية مع كثرتكم وقلة عددهم ؟ أفترضون بهذه الذلة والإهانة مع كثرتكم وقلة عدد اليهود؟ فموتوا كراما في نصرة دينكم ، ولا تموتوا جبناء مخذولين ) . اهـ

.
.
.
حاشية (1) : يجد القارئ إعطاء مثل هذه الأوصاف للأولياء والأئمة مثبتاً ومسطراً في بطون عدد من الكتب مثل : قلادة الجواهر للصيادي ( 73 و 145 )، كتاب البرهان المؤيد للرفاعي (ص 94 ، بتحقيق : الحبشي ) ، أصول الكافي ج1 ص407، من فقه الزهراء - المقدمة ص12

.
.
.
----------
.
.
.

3 – انتقاد موجع من رجل أمريكي :
وهذه الأمور التي ذكرها الشيخ رحمه الله هي بعض المظاهر السلبية التي أحدثت نوعاً من الغفلة التي أصابت أعز صفات هذه الأمة ألا وهي التوحيد ، حتى جعلت الدين يبدو أمام الأجانب إسلاماً غير الإسلام ؛ ولذا نقل الشيخ يوسف ( ج 2 ، ص 196 وأعاد نقله في ج 5 ، ص 359 ) قول صاحب حاضر العالم الإسلامي (لوثرت) :
( إن دين الإسلام قد غشيته غاشية سوداء من الخرافات وقشور الصوفية، وخلت المساجد من أرباب الصلاة، وكثر الذين يحملون في أعناقهم التمائم والسبحات ، والذين يرغبون الناس في الزيارة لقبور الأولياء يزينون لهم الشفاعة والنفع من دفناء القبور، وحاد الناس عن فضائل القرآن والعمل به. وبالجملة فقد بدل المسلمون غير المسلمين ، وهبطوا مهبطا بعيد القرار.
ولو عاد النبي إلى الأرض ورأى ما عليه المسلمون لأطلق اللعنة على من استحقها من المسلمين .. )) انتهى كلامه بتصرف واختصار ) . اهـ
ثم علق على هذه الكلمة قائلاً :
( أقول يا معشر المسلمين . .
هل ترضون هذا الإنتقاد الموجع من رجل أمريكي ، وأنتم عاكفون على الاستغاثات بأهل القبور ، ولا لكم رادعٌ من العلماء ؟
) . اهـ
.
.
.
----------
.
.
.
4 – القبوريون مثل عُبّاد الأوثان :
يقول الشيخ يوسف ضمن كلامه في التفسير أول الجزء الثالث ( ص 245 ) من الملتقطات :
( محمد رسول الله صلى الله عيه وسلم أرسله بالهدى ودين الحق بشيرا ونذيرا ، يبشر المؤمنين بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ، وينذر الكافرين الذين أشركوا بالله ما لم ينزل عليهم سلطانا فعبدوا الأصنام وقالوا { هؤلاء شفعاؤنا عند الله }[ يونس : 18 ] وهل يعقل أن الوثن الذي لا يسمع ولا يعقل ولا يبصر يكون شفيعا لهم عند الله ؟!
ومثل هؤلاء القبوريين الذين يعتقدون أن صاحب القبر ينفع ويضر .(1)
ويطلبون منه ما هو من خصائص الله تعالى : من تفريج الكروب ، وسعة الرزق ، وإيقاع الضرر بالأعداء .
فويل لهم من هذه الغواية ثم ويل ، وويل لعلماء السوء اللذين يرونهم ويسمعون هذه المناكر ولا ينكرون عليهم هذا الاعتقاد ولا يرشدونهم إلى الطريق المستقيم ) . اهـ


.
.
.
حاشية (1) : اعتقادِ النفع والضر مثل ما يقومون به : من الاعتماد عليهم فيما وراء الأسباب العادية الظاهرة التي أناط الله سبحانه بها الأمور ، فهذا هو المراد باعتقاد النفع والضر .

.
.
.
----------
.
.
.
5 – شد الرحال إلى القبور منكر يأباه دين التوحيد :
وقد نقل الشيخ يوسف رحمه الله عن الشوكاني بعض مفاسد البناء على القبور وتشييدها
ثم عقَّب على كلامه قائلاً :
( إني شاهدت بنفسي في العراق ما قاله الشوكاني من اعتقاد بأهل القبور من جلب المنافع ودفع الضرر ، وشد الرحال إليها ، واستغاثتهم بها لقضاء الحوائج وتفريج الكرب، وأهل العمائم ينظرون إليهم ولا يفهمونهم عن هذه المناكر التي يأباها دين التوحيد .
والسبب في ذلك : أنهم لو قالوا لهم إن النفع والضر بيد الله وليس لصاحب القبر حل ولا عقد لترك السواد الأعظم الزيارات لهؤلاء الرمم ، وانقطع عن أهل العماااااائم ما يُدِرُّ عليهم الزُّوّارُ من الدنانير ، فإنا لله وإنا إليه راجعون على هذه المصائب التي بلي بها المسلمون، وكلها من علماء السوء.
أظهرو للدين نسكا……وعلى الدينار داروا
وله صلوا وصاموا……وله حجــوا وزاروا
إن يكن فوق الثريا ……ولهم ريش لطــاروا ) . اهـ
.
.

.
.
.
----------
.
.
.
وأخيراً : أتمنى أن تطرق مثل هذه الكلمات أسماع أولئك الذين يُسقطون سلوكياتهم المنحرفة على غيرهم كذباً وتزويراً واصفين ذلك الغير بـ : (ـالتكفيري .. ) ، ونحوها من الأوصاف ، ويسعون نحو ترسيخ فكرةٍ مخادعةٍ مضللةٍ مفادها :
أن مهاجمتهم لغيرهم هي نقدٌ بَنَّاء وحرية تعبير ، لكن أي حديث عن مُعْتَقَدِهِم - الذي ينضح بالطائفية المقيتة والتكفير – وعن رُمُوزِهِم الذين يُرسخون كل هذا في أذهان الجماهير ، فإنه يُفَسَّرُ مباشرةً بأنه ( طائفية ) !
وأسأل الله تعالى أن يرحمنا وأن يأخذ بأيدينا إلى سواء السبيل وأن يسلك بنا أَوْضَحَ محجة، وأن يجعلنا ممن انتحى صَوْبَ الصَّوابِ ونَهْجَه ، وأن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه . . آمين آمين .
.
.
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق