الجُمَل
النَّدِية من ألقاب المسائل الفقهية ( 3 )
بقلم
: محمد أحمد العباد
باسم
الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين ، أما بعد : فهذه المقالة الثالثة ضمن سلسلة مقالات تدور حول بعض المسائل
المنصوصة في كتب الفقهاء بألقابٍ وتسمياتٍ مخصوصة ، إما تمييزاً لها عن غيرها من المسائل
، أو لخروجها عن القواعد المطَّردة والأصول المقررة لدى بعض الأئمة ، أو نسبةً للمفتي
في تلك المسألة أو للمستفتي أو لعبارةٍ وردت ضمن الفتوى ، أو لغير ذلك من الأسباب ،
وقد أعرضتُ عن المسائل المتعلقة بأحكام المواريث حيث أفردها بعض أهل العلم فاكتفيت
بالمسائل الفقهية في الأبواب الأخرى واجتهدتُ في إيضاحها وإيجازها بغير إطالةٍ تؤدي
إلى الملالة ، ورتبتها على حروف المعجم ، فإلى المادة :
حرف
التاء :
1 – مسألة (تطارح الدَّينَين) :
وهي
فيما إذا كان لرجلٍ في ذمة آخر دنانير (مثلاً 1 دينار إسلامي ويعادل 4.25 جرام من
الذهب) ، وللآخر عليه دراهم (مثلاً 10 دراهم وتعادل 30 جرام –تقريباً- من الفضة ) ، بحيث يكون كلٌّ من الطرفين دائناً للآخر ومديناً له في نفس الوقت ، فيتفق كِلا الطرفين على المقاصة : بأن يطرح كل واحد منهما دينه على الآخر ، فيسقطُ دَينُ
هذا بسقوطِ دين ذاك .
وهذه المسألة لها عدة تسميات ؛ فقال السبكي مثلاً في "تكملة المجموع" (10/ 107) : (( وهذه المسألة تسمى بتطارح الدينين )) . اهـ ، وسماها
ابن القيم : (( بيع الساقط بالساقط )) . اهـ ، وجاء في " الموسوعة
الفقهية الكويتية" (26/ 364) : (( ولُقِّبت هذه المسألة بـ "الصرف في الذمة"
)) ، وهي في الحقيقة من المسائل الخلافيّة التي تنبني عليها صور وتطبيقات معاصرة .[1]
.
.
.
2 - مسألة : (تغد معي) :
وهي مسألةٌ تُذكر في باب الحَلِف والأَيْمَان ومفادها أنه في اليمين هل يؤخذ فقط بمنطوق اللفظ ومدلوله دون النظر إلى القرائن والسِّياق والحال التي قيلت فيها تلك اليمين ؟ قال ابن نجيم في "الأشباه والنظائر" (ص 40) : (( لأن الكلام يتقيد بقرينة الحال كما في يمين الفور ، وهي مسألة يقال : تَغَدَّ معي )) . اهـ وذلك لكثرة تردد هذا المثال على ألسنة الفقهاء ، وصورته : في من دخل عليه صديقه فقال له مثلاً : (( تَغَدَّ معي ... وإن لم تتغد معي فامرأتي طالقٌ)) ، أو مثلاً دخل عليه صديقه فقال : (( تغدَّ معي )) فردَّ عليه صديقه قائلاً : (( والله لا أتغدى معك )) ، فهنا هل هل تقتصر اليمين على غداء تلك الوجبة المخصوصة في ذلك الوقت مخصوص ؟ أم أنها لا تقتصر ؟ بحيث لو تغدى معه في يومٍ آخر لانحلَّت اليمين ؟ على قولين .[2]
.
.
.
3 – مسألة (التهاتر) :
يذكر الفقهاء في أبواب القضاء والدعاوى والبيِّنات مسألةً ، وهي فيما إذا إذا تخاصم طرفان على أمرٍ ما ، وكان لكُلِّ طرفٍ منهما بيِّنةٌ قويةٌ تؤكد صحة قوله وتكذب الطرف الآخر ؛ فهنا يقال : (( تهاترت البينتان )) أي : تعارضتا وتساقطتا ، وتهاتر الرجلان إذا ادعى كل واحد على الآخر باطلا ، قال االكاساني في "بدائع الصنائع" (6/ 237) : (( وهي مسألة التهاتر )) . اهـ
وهذه المسألة لها ثلاث حالات :
-
الأولى : أن
يمكن العمل والأخذ بالبينتين معاً .
-
الثانية : أن
لا يمكن العمل والأخذ بالبينتين معاً ، ولكن يوجد ما يرجّح بينة أحد الطرفين على
الآخر.
-
الثالثة : أن
لا يمكن العمل والأخذ بالبينتين معاً ولا يوجد ما يرجّح بينة أحد الطرفين على
الآخر .
ولِكُلِّ
حالةٍ من هذه الحالات الثلاث صورٌ وتفصيلات تختلف من مذهبٍ لآخر ليس هذا موضع
تفصيلها ، والله أعلى وأعلم .[3]
الحواشي :
[1]
انظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (29/ 472)، إعلام الموقعين
لابن القيم (1/ 293) ، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (3/ 95) .
[2] انظر : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (3/ 13)
، البحر المحيط في أصول الفقه (4/ 289) ، كفاية النبيه في شرح التنبيه (14/ 477) ،
الموسوعة الفقهية الكويتية (7/ 309)
[3] انظر : الموسوعة الفقهية الكويتية (12/ 185 و 14/
85)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق